غرابيات
الأمير والذبابة
لا تحدث القصص إلّا مع طبقة الأمراء وإنْ حدث وحصلتْ قصةٌ مع فقير! من سيستمع إليها!؟ بالطبع لا أحد! الفقراء لن يكونوا مسرورين بسماع قصص حياتهم اليومية البائسة ذات النهايات التعيسة ولا الأمراء بحاجة لتلك المعاناة التي لن تزيد رفاهيتهم شيئاً؛ لكن الفقراء يحبون سماع قصص الأمراء هكذا يكون لديهم مادة الحلم عندما ينامون.
القصص يجب أن يلقيها عجوزٌ كالجدّ أو الجدّة يزجي بها وقته قبل موته ووقت أحفاده الذين سيورثهم الأحلام والقصص عن الأمراء والفقر وفي ليلة مظلمة مدلهمة جلس الجدّ حول نار ضعيفة والرياح البادرة تلسع الأشجار خارجاً كسوط الأمير وأحفاده حوله.
فقال الجدّ: في مستقبل الأيام سيكون هناك أمير، ستغرق سفينته وينجو لوحده فيما يموت جميع البحارة والقبطان والطبّاخ والجرذان والفئران الذين كانوا معه على السفينة.
**** ****
استفاق الأمير على جزيرة بعد أن رمته الأمواج على الشّط، نظر حوله وأدرك أنّه لوحده على الجزيرة، فالأمير يجب أن يكون فطناً!؟ ومع ذلك حار كيف يدبّر أموره، لكن الجزيرة استوائية، فأعطته من الفواكه ما يسدّ رمقه ومع ذلك شعر بالضعف وأن جسده يحتاج للحم سواء من السمك أو من حيوانات الجزيرة وحدث أن اصطاد طيراً بعدما رمى غاضباً حجراً نحو السّماء، فهوى الطائر على الأرض ميتاً، فأخذه الأمير ونظّفه من الريش والأحشاء وبسبب أنّه لم تكن لديه نار، حاول تذوّق لحمه النيئ، فلم يستسغه، لكن كيف يشعل النار!؟
كان الأمير قد ترك الريش والأحشاء قريبة منه، فجاءت ذبابة وبدأت تأكل منها وعندما شبعت، نظّفت يديها بأن فركتهما ببعضهم البعض كما يفعل من يشعل النار بواسطة عود الحطب، فتذكر الأمير، كيفية إشعال النار، فجلب عوداً يابساً وأوقد ناراً وأكل الطائر مشوياً.
وفي ذلك الوقت كانت حاشيته وحكومته والحرس الوطني قد نخلوا البحر بحثاً عنه ولأن نهايات قصص الأمراء سعيدة وجدوا الأمير وعاد إلى مملكته ليحكمها، لكن الأمير لم ينس جميل الذبابة معه، فأمر أعظم نحات في المملكة لينحت ذبابة يضعها في ساحة المملكة.
احتفل رعايا الأمير بعودته وبإزاحة الستارة عن الذبابة المنقذة وقدّم الأغنياء للأمير الهدايا بعودته سالماً وكون الفقراء لا يملكون شيئاً فقد سمحوا للذباب أن يدخل بيوتهم إكراماً للأمير.
18/11/2014
#باسم_سليمان_غراب
باسم سليمان 
أضف تعليق